هل كان يوسف والي يهودياً؟

البحث في اسطورة يوسف والي

كُتبت في ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٠

أثارت وفاة يوسف والي حالة من الجدل -كالعادة- علي مواقع السوشيال ميديا، و طبعا كان فيه كذا طرف، طرف بيقول انه يهودي او يهودي متخفي باسم مسلم و طرف بيقول "انا من الفيوم و اعرف اسرته اباً عن حد، و هم مسلمون" وفيه طرف ثالث واقف يقول علي استحياء "يهودي و لا بوذي خلينا في المصائب اللي عملها!" و الحقيقة الطرف الثالث علي حق فيوسف والي عمل مصائب تستحق اننا نفهم اسباب ارتكابه للمصائب و الجرائم ديه كويس اواي بدل ما نقعد نرمي كل حاجة في حتة اصله يهودي و لا اصله جن ازرق. اقل تهمة او مصيبة تتوجه ليوسف والي هي تهمة التطبيع مع دولة الكيان الإسرائيلي و اللي بدأت لما يوسف والي وافق على انتداب حوالي ٢٠٠٠ خبير زراعي إسرائيلي، كي يتولوا تجهيز المزارع الجديدة في مدن الإسماعيلية والنوبارية، وشرق العوينات والفيوم وبني سويف، و ده بحسب مستندات المنظمة الزراعية الإسرائيلية، التعاون الغريب الغشيم ده ادي الي ظهور أمراض مثل “سوسة النخيل، و”الذبابة البيضاء” والعفن البني، والبياض الرغبي، وصدأ القمح، وهي الأمراض التي كانت من أكبر الأسباب في الأمراض الخبيثة التي عانى منها المصريون بما فيها السرطانات و غيره. ضيف علي ده الفساد و المحسوبية و توزيع الاراضي لاتباعه و تدمير اي مشروعات جادة من شباب وطني و تشجيع فقط المشروعات المؤذية اللي لها علاقة باسرائيل طيب هل يوسف والي فعلاً يهودي؟ و هل الاجابة عن السؤال ده ممكن تفيدنا في موضوع البحث وراء اسباب فعله لكل هذه المصائب؟

الحقيقة يا اسيادنا ان موضوع البحث في اصله فعلا سيؤثر في فهمنا للجرائم و المصائب التي ارتكابها! كل المعلومات المتوفرة عن شجرة عائلة يوسف والي تقول انها تعود لأصول عربية نزحت من الحجاز لتستوطن في محافظة الفيوم، و قد مرت هذه الأسرة "والي" بثلاث مراحل، شكّل المرحلة الأولى منها جده "موسى ميزار"، والثانية جده الآخر "مصطفى والي"، والثالثة مرحلة والده وصولًا إليه. فجده هو "موسى ميزار" كان من كبار أعيان "الفيوم"، وسُمي "ميزار" تيمنًا بأحد شيوخ الصوفية من أتباع الطريقة الشاذلية، الذي له مقام معروف بالقرب من بحيرة قارون، وتعود أصولهم إلى قبيلة الحنابشة التي وفدت من أرض الحجاز واستوطنوا الفيوم، وهذه القبيلة هي بطن من بطون بني كلاب في الجزيرة العربية. و يقال ان جده "موسى ميزار" امتلك ٣٥ ألف فدان في غرب الفيوم (تقريباً اللي رفض جدك يشتريهم بستة جنيه) و يقال ان جده ارتبط بالثورة العرابية ورغبت الدولة في ذلك الوقت في محاكمته إلا أنَّه توفي قبل المحاكمة، فصادرت أملاكه وحبست أبناءه فترة من الزمن، ويقال إن جده مات وهو يصلي على السجادة حزنًا على هزيمة أحمد عرابي، حيث كان أحد المشاركين في تمويل الثورة العرابية، وأرسل قطارًا محملًا بالخيول والأقمشة والحبوب ومنحة مالية وسلمها نجله "حافظ" إلى "عرابي" في ثكنات قصر النيل وقتها. و يقال ايضاً "موسى ميزار" تم تعينه كأول مأمور لمركز أبشواي (!!!!!) و انه من أدخل زراعة السمسم والتيل فى الفيوم، ومنحه محمد علي باشا رتبة الأغا لمجهوداته في الزراعة. المرحلة الثانية في تاريخ العائلة يمثلها جده "مصطفى والي" الذي وضع يده على ١٦ ألف فدان بعد ذلك كأراضٍ صحراوية، وشرع في مد ترعة "بحر حافظ ميزار" (افتكر كده ان ده اسم ابن موسي ميزار اللي سلم عرابي المعونة) إليها لمسافة أكثر من ٢٠ كيلومتراً، كما زرع أول مناطق قارون فى عزبة والي، إلا أنه استدان من أحد البنوك الإنجليزية مبلغ ٧٠ ألف جنيه لتكبير مشروعه وخسره، وأفلس البنك أيضًا، ما أدى إلى وضع الأرض تحت الحراسة تمهيدًا لبيعها، وظلت العائلة في مشاكل إلى أن تمّ الصلح مع البنك وأملاك الدولة، وتقلصت المساحة وتم توزيعها على الورثة. أما المرحلة الثالثة في العائلة او مرحلة والد يوسف والي وهو "محمد أمين والي"، والذي تزوج من السيدة زينب محجوب الجارحي من عائلة الجارحي المعروفة بمركز يوسف الصديق بالفيوم، ورزق منها بسبعة أبناء ذكور وابنتين، فكان يمتلك ١٥٠٠ فدان، إلى أن صدرت قوانين الإصلاح الزراعي، فانخفضت الملكية إلى ١١٠٠ فدان، و كانت مجزأة على أولاده، وبعد وفاته عام ١٩٦٦، فُرضت الحراسة عليه حتى رفعها الرئيس جمال عبدالناصر ١٩٦٨، وكان نصيب "يوسف والي" من تلك الأراضي ١٠٧ أفدنة انخفضت إلى ٥٠ فدانًا بقرار شخصي منه خلال تولي مهام كرسي وزارة الزراعة وذلك عام ١٩٨٨ ، قبل أن تنخفض مرة أخرى إلى ٣٥ فدانًا فقط و يوسف والي لم يكن فقط وزير الزراعة انما كان يعمل في منصب أمين عام الحزب الوطني الديمقراطي المنحل و اما منصب وزير الزراعة واستصلاح الأراضي فقد كان في الفترة من ١٩٨٤ إلى ٢٠٠٠، وهو مواليد ١٩٣٠ و خريج كلية الزراعة، ولم يتزوج ابداً(!!!!) ورُشح نائبًا في مجلس الشعب عن دائرة الشواشنة في محافظة الفيوم، والغريب في علاقته بالدولة انه بعد فرض الحراسة علي املاك الاسرة في ١٩٦٦ يقوم عبد الناصر بجائزة الدولة بتكريمه بشكل شخصي في عام ١٩٦٨ و بعدها يقوم السادات بتكريمه بجائزة الدولة في عام ١٩٧٧

طبعاً اي شخص يقرأ هذه المعلومات سيقول ان هذه هي الحقيقة....يوسف والي مسلم أباً عن جد عن جد، و حتي يوسف والي نفسه عمل اكثر من لقاء و اكد فيه انه مسلم و موحد بالله (بالاسم طبعا لانه ما عُرف عنه صلاة او صيام و لا حتي احتفال بالمولد النبوي) و لم يغيب عن يوسف لك والي ان يدعي ان كل ما يقال عن اصله اليهودي هو افتراء من الاخوان كمان انهم افتروا عليه موضوع الاسمدة و الكيمياويات المسرطنة (بالرغم ان ديه حقيقة لا تقبل الجدال و ان استجوابه في مجلس الشعب في ١٩٩٩ و الحملة التي شنها عليه الاخوان المسلمون و الصحفيون المحترمون اصحاب الضمير مثل استاذنا الكبير مجدي حسين و غيره هو من ادي الي قرار الدولة في الاستغناء و خروجه من منصبه كوزير كما تم الاستغناء عنه و عزله من منصبه كامين عام الحزب الوطني ليحل محله خالد الذكر السيد صفوت الشريف الشهير باسم العميل موافي! طيب بعيداً عن دفاع يوسف والي عن نفسه و لو صدقنا انه مسلم ابن مسلم و حفيد مسلم، تعالوا نعود للوراء و للاصل التي نمت منها تلك الشجرة (الخبيثة المسرطنة) الاصل هو الجد الأكبر موسي ميزار القادم من الحجاز في فترة حكم محمد علي و الذي يدعي انه من قبيلة الحنابشة و الذي منحه محمد علي باشا رتبة الأغا و كمان تم تعينه "مأمور" لمركز أبشواي"....مممممم معلومات جميلة و مثيرة بصراحة اكثر من ان حد يقول لي ان جده يهودي تعالوا نفسر و نحقق كده، هو موسي ميزار ده من قبيلة الحنابشة و من الحجاز؟ الاتنين؟ طيب مبدأياً كده الحنابشة هي قبيلة عربية قديمة جداً تسكن في نواحي الأوراس وتبسة وسوق أهراس وشمال غرب تونس و شرق الجزائر و كانت ذات نفوذ كبير علي قبائل أخرى يعني مش قبيلة مجهولة و لا حاجة وهم أولاد حناش اللي اسمه يعني المرتفع و هو من عياض من قبائلِ الأثبِجِ الهلاليّة و كانت رئاستهم الي عهد ابن خلدون في بني عبد السلام. يقول ابن خلدون بالنص في المجلد السادس من كتاب العبر : " فأما المرتفع فثلاثة بطون: أولاد تبان، ورياستهم في أولاد محمد بن موسى، وأولاد حناش، ورياستهم في بني عبد السلام. وأولاد عبدوس ورياستهم في بني صالح. ويدعى أولاد حناش وأولاد تبار جميعاً أولاد حناش. وأما الخراج فرياستهم لأولاد زائدة بني عباس بن خفير، ويجاور الخراج من جانب الغرب أولاد صخر، وأولاد رحمة من بطون عياض، وهم مجاورون لبني يزيد بن زغبة في آخر وطن الأثابج من الهلاليين" طيب سيبك من ابن خلدون، يمكن هم هاجروا من تونس للحجاز علشان يعملوا عمرة و ضربوا الفيزا او شافوا لهم كفيل و قعدوالا يا باشا هو مش بيقول ان جده الكبير ده جاء مصر ايام محمد علي (اللي هو حكم مصر من ١٨٠٥ الي ١٨٤٨) يبقي خلاص نجيب له حد من الفترة ديه، خد عندك المؤرخ لورونت تشارلي فيرو الرجل ده بقي معاصر للفترة ديه و هو مولد في مدينة نيس الفرنسية في ١٨٢٩ و مات في ١٨٨٨ في المغرب و هو كان شارك كمترجم في الاستعمار العسكري للجزائر ثم كدبلوماسي ، ويعتبر أهم مرجع تاريخي لتاريخ الاستعمار الفرنسي لشمال افريقيا و كمان تاريخ المنطقة و تركيبتها اللي درسها كويس بحكم توغله في اراض العرب و التحدث بلغتهم و يقول لورونت تشارلي فيرو بالنص : قبيلة الحنانشة يسمون بالحرار و كانت إلى حوالي عام ١٨٣٠ صاحبة النفوذ الواسع على مدى الحدود التونسية وتسمي هذه بمنطقة الحنانشة ومن أبرز العائلات أولاد خليفة، وأولاد ناصر، أولاد سلطان، أولاد بوعزيز، وأولاد إبراهيم، ومنذ التاريخ المذكور أعلاه حلت محل الحرار عائلة ( الرَّزْقي) على رأس الحنانشة.“ و يوجد عند غير قول لورونت فيرو اقوال اخري لمؤرخين اسبان و طليان و برتغاليين كلهم بيتكلموا عن الحنابشة كقبيلة تونسية و ليس لها اي علاقة بالحجاز يا عم يوسف (الله يحرقك) ثم دعونا نركز كده مع ما يقوله يوسف والي نفسه في تعريفه بتاريخ جده الكبير، انه يقول ان محمد علي باشا منحه رتبة أغا و عينه مأمور مركز أبشواي، طيب ابشواي ديه و اسمها الاصل إبشيه او إبشيه الرمان واحدة من قرى الفيوم بمصر اللي معروفة بان بيحيط بها اربعة كنائس قبطية هم كنيسة مارجرجس بإبشواى و مارجرجس بالعجميين و مارجرجس طبهار و مارجرجس أبوكساه، يعني ده معناه ان فيه تكتل قبطي او مسيحي في المنطقة ، طيب ايه بقي اللي خلي محمد علي باشا يجيب واحد من الحجاز (ده علي افتراض ان موضوع الحنابشة ده مظبوط و أنهم كانوا في الجزيرة العربية) و يخليه مأمور مركز علي أبشواي او إبشيه الرمان ده، و هو انسان غريب حتي عن مصر و المصريين ، طبعاً ممكن حد يقول ”مهو محمد علي نفسه الباني و ليس مصري“ ، جميل بس فيه حاجة انت مش واخد بالك منها و هي ان في الفترة ديه محمد علي كان داخل حروب كتيرة في الحجاز و كان محمد علي قد ارسل ثلاثة حملات عسكرية علي الحجاز قاد هو بنفسه ثاني حملة هذه الحملات و ارتكب فيها مجموعة من المجازر و المذابح المروعة اسوأ ما فعله بنفسه في اسري بسْل، و هسيب المؤرخ المعاصر لهذه الحملة جون لويس بركهارت يحكي لكم بنفسه من نص كتابه ”البدو و الوهابية“ ما حدث او عن مصير الثلاثمائة أسير من أتباع الدرعية اللي وقعوا في ايد محمد علي واحتجاج الشريف راجح على فعل محمد علي يقول بركهارت : «أرسل محمد علي الثلاثمائة أسير الذين منحهم مأوى و أمان، إلى مكة. واحتفل بانتصاره بأن أمر بوضع خمسين منهم على خوازيق أمام بوابات مكة. ولاقى كل رقم اثني عشر من الباقيين موتاً مروعاً مثل ذلك عند كل واحد من المقاهي العشرة، وأمام كل محطة من محطات التوقف بين مكة وجدة. أما بقيتهم ففعل بهم ذلك عند بوابات جدة. وتركوا حتى افترست الكلاب والنسور جثثهم. احتج الشريف راجح لدى محمد علي، لكن دون جدوى» المهم انه في الحملة الثالثة اللي كانت بقيادة ابنه ابراهيم باشا و هي كانت حملة بتنسيق مع قوات انجليزية خاصة تم فعل كم مهول من الجرائم في حق المسلمين في الحجاز من حرق و قتل و ابادة و هدم قري كامل حتي تم اسقاط الدولة السعودية الأولي في عام ١٨١٨ ومع سقوطها تم ارتكاب مجزرة لا تقل بشاعة عن مجزرة او مذبحة المماليك حيث قام ابراهيم باشا بعد سقوط الدولة و اخذه عبد الله بن السعود أسير و قبل العودة الي القاهرة بدعوة جميع رجال الدولة السعودية الكبار من قادة وعلماء، وكان من بينهم آل عفيصان؛ ومنهم أمير الخرج عبد الله بن سليمان بن عفيصان، وأمير الأحساء فهد بن سليمان بن عفيصان، وابن أخيه متعب بن إبراهيم بن عفيصان و يروي الكابتن الانجليزي ج فورستر سادلير كتاب مذكرات عن رحلة عبر الجزيرة العربية والذي كان مكلفا من قبل الإمبراطورية البريطانية بملاقاة إبراهيم باشا وذلك من أجل حشد القوى المحلية من آل بوسعيدي في مسقط وإبراهيم باشا لتحجيم دور الشيوخ القواسم حاكم رأس الخيمة حلفاء الدولة السعودية الأولى قصة اغتيال آل عفيصان بقوله: "كان يسكن الخرج أربعة شيوخ بالقرب من السلمية، وهم من سلالة عفيصان، أوهمهم الباشا بالأمان ثم قرر أن يفتك بهم، إذ أمر جوقدار - باشا السلمية - بذلك، لكنه لم يستطع أن ينفذ أوامر سيده بشكل مكشوف، لأن تعداد مجموعته لا يتجاوز خمسين رجلاً، فلجأ إلى الخيانة والغدر، إذ دعا الشيوخ إلى وليمة اختتمها باغتيالهم جميعا“ أما عبد الله بن السعود فبعد ان وصل للقاهرة اسير هو و رجاله مع ابراهيم باشا و الذي تم اعداد موكب كبير لاستقابله و ضربت المدافع نيرانها احتفاءاً بعودته منصراً و يصف الجبرتي الموكب و الاحتفالات و فرحة النصاري المسيحيين و الارمن و رقصهم في الشوارع و كيف انهم ”زينوا اسواقهم وحوانيتهم، وأبواب دورهم ودقت الطبول المزامير والنقرزانات في السفائن وغيرها“ و بعد ذلك نم ارسال عبد الله بن السعود الي الاستانة او استنطبول حيث روى الرحالة روتير في تاريخه "رحلة من تفليس إلى القسطنطينية" والذي شهد مقتل آخر أئمة الدولة السعودية فظاعة ما حدث فيقول بالنص: «لقد رأيت بأم عيني إعدام عبدالله بن سعود، رئيس الوهابيين، الذي قتلوه عند باب حدائق السراي. إن الترك وضعوا رأس عبدالله، بعد إعدامه، في فوهة مدفع ورموها، وأما جسده فعلقوه على عامود.. وثبتوه بخنجر.» و من المؤسف ان ابن بِشر يقول في وصف آخر أئمة الدولة السعودية، عبد الله بن السعود: «كان عبدالله بن سعود ذا سيرة حسنة، مقيما للشرائع، آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، كثير الصمت، حسن السمت، باذل العطاء، موقراً للعلماء، ولكن لم يساعده القدر، وهذه سنة الله في عباده منذ خلق الخلق حتى لا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام.» و نعود الي يوسف والي فياتري اي خدمة قدمها موسي ميراز جد يوسف والي هذا في كل هذا التاريخ الدموي حتي يصطحبه ابراهيم باشا الي مصر و يمكنه محمد علي باشا و يمنحه لقب أغا و يجعله مأمور مركز إبشواي-الفيوم؟

لقد بحثت في هذا الأمر كثيراً و لم أستطيع ان اتوصل الي وجود شخصية موسي ميزار هذا ابداً و لا الدور الذي لعبه خلال حروب محمد علي هذه في الحجاز و لكن الفرج ظهر من خلال تأمل الأسم، فالاسم و الذي أدعي يوسف والي خلال حديثه عن جده الأكبر إنه قد سُمي "ميزار" تيمنًا بأحد شيوخ الصوفية من أتباع الطريقة الشاذلية لا يمكن ان يتم استخدامه في الحجاز خاصة في فترة الدولة السعودية الأولي و محمد عبد الوهاب، و حتي ان كان موسي جد يوسف والي قد اتخذ هذا الاسم ”ميزار“ في مصر عند قدمه و ذلك بسبب ”تأثره بالطريقة الشاذلية“ فأن هذا ايضاً غير منطقي لان اسم ميزار غير معروف و لا منتشر بين المصريين علي الاطلاق و لا منتشر في العرب اصلاً، غير انني و اثناء قراءتي في تاريخ محمد علي الاجرام و مذابحه في الحجاز و مراجعة بعض الوثائق و جدت رسالة غريبة تم ارسالها لمحمد علي من عباس ميرزا ولي عهد القاجار (القاجار هي سلالة شيعية من الشاهات حكمت إيران في الفترة من ١٧٧٩ الي ١٩٢٥ بعد علمه بنبأ سقوط الدرعية و قال في مجمل رسالته محمد علي باشا ما نصه: ”إنه قد بلغ إلينا، مجاري أمرك، ومعالي قدرك، وأنباء ظفرك، ونصرك ما ينشد أبهج عنه، ويبشر المبهج به، وتحار العقول لديه، وتطير القلوب إليه، فاطلعنا على ما صنعت في قتال العرب، وصبرت في احتمال التعب، واجتهدت في تجهيز الكتائب وتشميد الغواضب، حتى وطئت أرجاء التهامة، بأقدام الشهامة، وخلصت أرض النجد بالعز والمجد، فتحت باب الأمنية، بفتح الدرعية، وبالغت في دفع البدع، ونفي الدين المخترع، وقطع دابر المفسدين“ وبصراحة هذا النص اثار فضولي في البحث وراء شخصية عباس ميرزا ووجدت انه الابن الاصغر لفتح علي شاه و كان والده قد جعله حاكماً على اقليم اذربايجان التابع لفارس في حياته و قد شارك عباس ميرزا في الحرب الروسية الفارسية في الفترة من ١٨٠٤ الي ١٨١٣ وقد عرضت عليه المساعدة من قبل فرنسا وبريطانيا اللتان كانتا تحاربان من اجل بسط نفوذهما على الشرق، فاختار الصداقة مع فرنسا و بالتالي فقد انجذب الي تجربة محمد علي في مصر حتي انه حرص علي تجهيز جيشه بملابس اوربية حديثة، كما انه كان أول من أرسل الطلاب الإيرانيين إلى أوروبا ليتلقوا التعليم الغربي. و قد توفي عباس ميزرا هذا في عام ١٨٣٣ قبل عام من وفاة ابيه فتح علي شاه في عام ١٨٣٤ و الذي كان قد شن حرباً على الدولة العثمانية استمرت الحرب عدة سنوات، وكان القصد منها السيطرة على العراق و أرض العرب و بذلك لم عباس ميرزا يتولي حكم ايران و لكن ابنه محمد شاه اعتلي العرش بعد ذلك. و بالرجوع الي تلك الرسالة التي ارسلها عباس ميرزا الي محمد علي باشا و الربط بينها و بين صراع سلالة القاجار الإيرانية و الخلافة الإسلامية متمثلة في الدولة العثمانية، سنبدأ هنا تتكشف لنا بعض الامور بخصوص جد يوسف والي، فإذا مع رجعنا الي شهادة المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي حول حادثة وصول القوات المصرية بقيادة ابراهيم باشا المجرم المنتصر و معهم الاسري من آل سعود و علي رأسهم عبد الله بن السعود، فإننا نجد الجبرتي يذكر ذلك بقوله: “ و في ذلك اليوم وصل عبدالله بن سعود الوهابي، ودخل من باب النصر، وصحبه عبدالله بكتاش قبطان السويس، وهو راكب على هجين، وبجانبه المذكور، وأمامه طائفة من الدلاة، فضربوا عند دخوله مدافع كثيرة من القلعة وبولاق وخلافهما، وانقضى أمر الشنك وخلافه من ساحل النيل وبولاق، ورفعوا الزينة وركب الباشا إلى قصر شبرا في تلك السفينة، وانفض الجمع وذهبوا إلى دورهم، وكان ذلك من أغرب الأعمال التي لم يقع نظيرها بأرض مصر ” لو ركزنا فيما يقوله الجبرتي لوجدنا انه يذكر ان المركب الذي كان فيه الأسير عبد الله بن السعود كان يترأسه عبد الله بكتاش و معه طائفة من الدلاة. و ما ادرائكم من عبد الله بكتاش هذا!!! عبد الله بكتاش كان يُسمي عبد الله الترجمان و هو من الطائفة البكتاشية التي حكمت مصر سراً -و مازالت تقريباً- و كان اقرب الناس الي محمد علي باشا و كان مترجمه الخاص حيث كان محمد علي باشا لا يعرف العربية علي الاطلاق و لا يتحدث سوي الألبانية و بعض التركية، و عبد الله بكتاش هذا هو من حاصر الزعيم المصري الوطني و الشيخ الجليل المجاهد عمر مكرم و هو من استطاع به محمد علي كي يفرق بين السيد عمر مكرم و باقي علماء الازهر و رموز المقاومة في مصر و من نفي عمر مكرم عن القاهرة و تشريده، و الحقيقة ان عبد الله بكتاش هذا يستحق حديث طويل عنه و لكني ذكرته في سلسلة مقالات ”الطريق الي الشيطان….صٌنع في مصر“ المهم اننا بالعودة الي ما قاله الجبرتي في وصف الموكب فهو ان عبد الله بكتاش كان يقود الموكب الذي فيه الاسير عبد الله بن السعود و معه طائفة من الدلاة، من هؤلاء؟؟؟ أنهم من ساعدوا محمد علي في ذبح و قتل و تدمير كل معاقل المسلمين السنة في الحجاز و من اعانوه علي عبد الله السعود و رجاله، و قد استقبلهم محمد علي بالترحاب و منحهم المنح العظيمة و هنا نستطيع ان نري الجد الأكبر للهالك يوسف والي….أنه كان احد هؤلاء الدلاة المجرمين ممن ينتمون الي البكتاشية و ممن عندهم الولاء للشاه فتح علي شاه و أبنه عباس ميرزا الذي ارسل الرسالة الي محمد علي يهنئه فيها علي انتصاره علي العرب و القضاء علي الدين السني المبتدع الذي جاء ليمسح الجهل و الشرك الذي نشره البكتاشية و الشيعة في جزيرة العرب. و علي هذا الاساس قام محمد علي بمنح التكريم و اللقب لجد يوسف والي كما انه منحه هذه الاراضي ارض واسعة وصلت الي ٣٥ الف فدان (تاني: اللي هم جدك رفض يشتريهم بالستة جنيه) ثم انه جعله مأمور مركز المدينة التي فيها اربعة كنائس مارجرجس و يومئذ فرح النصاري المسيحيون الذين كانوا يغنون للموكب العائد من الحجاز و الذي اباد المسلمين السنة هناك، فمن يجدون خيراً لهم من موسي ميراز جد يوسف ولي ليكون مأموراً؟

أما بالنسبة لمساعدة عرابي و الثورة العرابية، فالحقيقة ان هذه المساعدة كانت خير عون للانجليز في احتلال مصر، نعم، فعرابي الطائش الذي اصر علي التمرد تسبب في احتلال الانجليز لمصر ، وطبعاً كان هذا التسخين و الدعم البكتاشي لعرابي في مصلحتهم حتي يتمكنوا من قطع مصر عن الدولة العثمانية حتي و ان اصبحت تحت حكم الانجليز، فالانجليز ليسوا اعداءاً بل هم أصدقاء و هم زملاء قدامي في حروب الحجاز، و بالمناسبة انجلترا اليوم تدعم جداً الاسلام البكتاشي الالباني في اوروبا و يريدون ان يكون هذا وجه الاسلام في المستقبل بعد ان اصبح المسلمين الآن جزء من التشكيل السكاني الاوروبي. و عليه فان هذه المساعدة المزعومة التي قدمها الجد لعرابي(ان كان هذا قد حدث اصلاً لانه احتمال انه كذب) فإنه قد وضح لنا انها كانت مساعدة علي الفاشوش. و هنا نقفز بالسنين الي الحفيد يوسف والي، لماذا قام عبد الناصر بتكريمه و منحه جائزة الدولة بعد سنتين من تأميم ممتلكات الأسرة في ١٩٦٦؟ لاحظ ان هزيمة ١٩٦٧ وقعت خلال السنتين دول، و ما هي القيمة العلمية التي قدمها شاب يبلغ من العمر ٣٨ سنة ليتلقي هذه الجائزة؟ و كيف و لماطا منحه السادات نفس الجائزة بعد ذلك بالرغم ان من شروط منح الجائزة الا تمنح لنفس الشخص مرتين؟؟؟ طبعاً كان واضح انه هناك رغبة في تصعيده و تهيئته فجأة بعد هزيمة ١٩٦٧ و اعادة ممتلكات اسرته له، و هنا سأتحدث عن ظروف تعين يوسف والي وزيراً للزراعة. في أواخر عهد السادات و مع توقيعه لمعاهدة السلام او الاستسلام برز في مصر اسمين مهمين جداً، الأول اسمه دكتور محمود دواود و الثاني اسمه دكتور أحمد فؤاد محيي الدين. فأما الدكتور الأول اللي هو محمود دواود فده السادات عينه وزيرآً للزراعة و الامن الغذائى بها وهو من المنوفية يعني بلدايات السادات و كان أستاذ وراثة بكلية الزراعة بجامعة الاسكندريه وحاصل على الدكتوراه من إحدي جامعات كاليفورنيا يعني شغل امريكاني فاخر و لهذا السبب تم تكليفه بملفات الزراعة و تنفيذ التزامات معاهدة كامب ديفيد الخاصة بالعلاقات الزراعية مع اسرائيل التى زارها رسمياً كأول وآخر وزير زراعه مصرى. و لان الرجل كان شغل امريكاني فاخر و مستعد لجميع انواع الانفتاح فسرعان ما حظي بثقة السادات لدرجة ان السادات حضر في الوقت ده حفل زفاف بنت الدكتور داوود والتوقيع على عقد الزواج كوكيل للعروسة!!! العلاقة الخاصة بين الدكتور داوود و السادات انتقلت الى النائب حسنى مبارك بعد أغتيال السادات ووصول مبارك للحكم و طبعاً كان معروف ان مبارك كان بيستمد انطباعاته الشخصية من درجة علاقة السادات بمن حوله و اللي ورثهم و ضمهم له و ده كان سر ثقة مبارك فى تزكية الدكتور محمود داوود ليوسف والى كوزير خلفا له، و كان السادات طبعاً ممهد لده من قبل اغتياله باعادة منح جائزة الدولة ليوسف والي في عام ١٩٧٧ بدون سبب و تزامناً مع زيارته للقدس

الرجل الثاني اللي ذكرت اسمه أحمد فؤاد محيي الدين، فده رجل يستحق الدراسة برضه، فهو بالرغم من إنه ابن عم خالد محي الدين، وزكريا محي الدين الا انه كان معارضاً لانقلاب ١٩٥٢ الذين شارك فيه اولاد أعمامه خالد و زكريا و كان يصرح بهذا علناً قائلاً إنها ليست ثورة و لكنه انقلاب ، المهم ان أحمد فؤاد محيي الدين هذا اصبح رئيس وزراء مصر بعد صدور امر رئاسي من السادات له في عام ١٩٨٠ لتشكيل وزارة و قد ضمت هذه الوزارة الدكتور محمود دواود الذي اشرت اليه و كان أحمد فؤاد محيي الدين يكن له كل مشاعر الكراهية و الاحتقار لانه صناعة امريكية مفتخرة و ليبرالي و يسعي للتطبيع مع اسرائيل في مجال الزراعة، في الوقت الذي كان فيه احمد فؤاد محيي الدين ذو فكر يساري اشتراكي يكره امريكا و اسرائيل معاً و كان محمود دواود يعرف ذلك و لهذا قدم يوسف والي الذي سبق تهئته الي مبارك بعد اغتيال السادات و ذلك لمعرفته ان أحمد فؤاد محيي الدين سيطيح به في اقرب تشكيل وزاري،و هو ما تم فعلاً، فلم تمت الاطاحة به، و بدأ الدكتور محيي الدين في دراسة المرشحين لشغل المنصب وجد مبارك يرسل له اسم يوسف والي كمرشح للمنصب، و بالتالي اضطر الدكتور محيي الدين الي الرضوخ و قبول يوسف والي وزيراً للزراعة، اسرع يوسف والى بالتوجه لمقابلة د.أحمد فؤاد محيى الدين فى الأقصر الذي قابله بفتور حيث لم تستغرق سوى خمس دقائق !! و اوجز فيها رئيس الحكومه المهمه للمرشح فى عباره واحده ” عاوزك تكمل كل الخطط والبرامج بتاعه سلفك ” (يقصد طبعاً محمود دواود) ولم يعطي الفرصة ليوسف والى للحديث سوى الايماء بقبول التكليف و مصافحه رئيس الحكومه و الأنصراف و فعلاً انصرف يوسف والي و هو يعلم انه قد ورث من محمود دواود منصبه و ملف التعاون الزراعى مع اسرائيل مضافا اليها عدم ” الاستلطاف ” او الانسجام الفكرى والشخصى بين داوود ومحيى الدين !! و من هنا اصاب والى احباطاً مبكراً من تناقض تكليف رئيس الوزراء له مع مواقفه السلبيه نحوه فى استكمال سياسات الوزير السابق حتى صارحه الدكتور أحمد فؤاد محيى الدين ذات يوم بنواياه فى استبعاده من حقيبه الزراعه فى اول تعديل للحكومه !! و فجأة و كما يقال في الروايات الدرامية ”شاءت الاقدار“ -او بمعني اصح شاءت جهات ما- ان تأتى وفاة دكتور أحمد فؤاد محيى الدين رحمه الله عليه فجأة و داخل مكتبه و هو يعمل قبل تنفيذ نواياه فى استبعاد والى من حكومته ليحتل يوسف والى مقعد الزراعه فى الحكومات المتعاقبه لأكثر من عشرين عاما و لا يخرج منها الا بفضائح المواد المسرطنة و الفساد ، و قد كان هذا انتصار كبير للمعارضة علي مبارك الذي كان يعتبر يوسف والي اهم رجاله المخلصين مثلما كان محمد علي يعتبر جده موسي ميراز و عبد الله بكتاش رجاله المخلصين

أعتذر عن الأطالة، فالاجابة علي سؤال هل يوسف والي يهودي ليس له معني بدون دراسة كل هذا التاريخ و محاولة فهمه، و في النهاية اقول لكم، لا هو ليس يهودياً و لكنه اسوأ من ذلك، فهو بكتاشياً و مازال في مصر الكثير من هذه الطائفة التي تحلم بحكم مصر و القضاء علي الاسلام السني فيها، و ما يوسف والي الا جندي من جنودهم المستمرون في طريقهم و خطتهم

التاريخ ليس علم الماضي ، وإنما هو علم المستقبل ، وذلك هو الفرق بين التاريخ والأساطير . الأساطير تتوقف عند ما كان ، وأما التاريخ فان عطاءه مستمر كل يوم ......من كتاب "قصة السويس" للأستاذ محمد حسنين هيكل



اقرأ ايضاً: الجزء الثالث  من أسطورة القط  ذو السبعة ارواح

تحدثنا في الجزء الثاني عن كيف رفض اسامة بن لادن العرض او الصفقة التي قدمها له ضابط الاتصال فى المخابرات الأمريكية مايكل شوير مقابل اغتيال او خطف حسني مبارك في النصف الأول من التسعينيات ثم تحدثت عن كيف تم قرر مايكل شوير الاستعانة بمجموعة أخري لتنفيذ المخطط و تحدثت بالتفصيل عن شخصية الشيخ سلامة أحمد مبروك و عما حدث لابنه من أغتصاب في أحد مقرات المخابرات العامة و من ثم تجنيده لصالح المخابرات و كيف ان بعد ان وصل الي السودان تمت محاكمته علي يد ايمن الظواهري ثم ادانته بثلاثة تُهم تم علي اثرها الحكم باعدامه بضرب النار او الرصاص عليه و هنا احب ان اشير الي تعليق احد الاصدقاء علي وهذه المعلومة حيث قال الصديق ان الشيخ الراحل سلامة احمد مبروك لم يتزوج و لم يكن له اي ابناء، و بصراحة لقد بحثت بنفسي عن هذه المعلومة من قبل ان انشر البوست و لم اجد اي معلومات تشير ان كان لدي الشيخ الراحل زوجة او ابناء.....و كان من الصعب الي التواصل الي وجود او عدم وجود اسرة للشيخ الراحل و لذلك فقد تعمدت ان اضع مصدر معلومة اعتقال ابنه و اغتصابه و تجنيده لصالح المخابرات كما انني وضعت مصدر معلومة ......اقرأ المزيد

أخترنا لكم