الإعلام الأسود
نماذج للاحصائيات التي تنشرها المواقع الإخبارية المصرية
كتبه: كريم مصطفي في ٢٦ سبتمبر ٢٠١٨
تحول قطاع الإعلام إلى مشروع سياسي واقتصادي، وإلى صناعة للرأي العام بهدف تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وفكرية وتجارية. إن صناعة الكذب في الإعلام تزامنت مع ظهور الصحافة المطبوعة، وتطورت بتطور وسائل الإعلام. وهي صناعة على درجة عالية من الخطورة لاستهدافها العقل البشري
إذ يمكن لوسيلة إعلامية أن تقنع المتلقين أن هناك مؤامرة كونية ضدهم من خلال البث المتكرر المدروس لبعض الفقرات والجمل الكاذبة والصور الملفقة. كما يمكن للإعلان أن يغير السلوك البشري من خلال التأثير على متطلباته ورغباته، وتبديل طرق إدراكه للوقائع والأشياء المحيطة به، من خلال وسائل متعددة تقوم بتوظيف علم النفس للتحكم بسلوك المستهلك وعاداته، وتوجيهه إلى ناحية دون أخرى
إنه الإعلام الأسود الذي يستطيع تحويل إنسان مغمور إلى شخصية شهيرة جداً من خلال التدليس والكذب والبيانات الملفقة، وخلق وقائع مزيفة، وإيهام المتلقي بأن ما يراه أو يقرأه هو حقيقة. كما يستطيع تشويه صورة إنسان أو جهة ناجحة ومتميزة، عبر نشر الأكاذيب وإطلاق الإشاعات حولها
الإعلام الأسود يقوم بحجب الحقائق واستبدالها بمواد يرغب بها المتلقي حتى لو كانت أشياء ساذجة. هو إعلام كيدي أيضاً يهدد الاستقرار المحلي والإقليمي في عالم تشهد صراعات متزايدة. الإعلام الأسود تستخدمه الدول، أيضاً عبر أدوات خبيثة، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، لتحويل مباراة كرة قدم إلى ميدان لتنفيس غضب الناس واحتقانهم السياسي والاجتماعي نتيجة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في بلدان تحكمها أنظمة قمعية استبدادية. ومن خلال مثل هذه السياسات الإعلامية القذرة يتم قياس سلوك المواطنين من قبل الأجهزة الأمنية عبر دارات تلفزيونية، لكي تحدد أساليب التعامل الأمني معهم لاحقاً
٤- لا تنسي الخبير الاستراطيزي
لعل هذه النصيحة هي اهم النصائح الغالية التي تساعدك في النجاح في التميز في اللعب بالاحصائيات. فالخبير الاستراطيزي الذي هو عادة ما يكون رجل جاهل و لكنه ذو منصب و حيثية و صوته جهوري و يتميز بقدرة عالية في القيام بعملية التعذيب النفسي للجمهور و ذلك عبر استخدامه لمجموعة من الاسئلة التي تبدو اسئلة استدراكية و لكنها في الاساس اسئلة تأنيبية مثل "أنا بس عاوز افهم هو ازاي المواطن شرب كل الشاي و القهوة ديه؟ هو ازاي المواطن معندهوش دم كده و مش حاسس بمصر!!" ان وجود هذا الخبير الاستراطيزي و قدرته المهنية في طرح مثل هذه الاسئلة سوف تجعل رسالتك مدوية. اما إذا لم يتوفر لك مثل هذا النوع من الخبراء الاستراتطيزيون، فربما عليك ان القيام بأداء هذا الدور، و هو ليس صعباً فلو لم تعرف كيف تقوم به، فما عليك الا مشاهدة حلقة من برنامج الاعلامي الجهوري عمرو اديب الشهير بالثعبان الأقرع، فقط افعل مثلما يفعل هذا المذيع، اطرح اسئلتك في استهجان واضح سواء كنت ستقدم هذا عبر اعلام مرئي في قناة تيلفزيونية او علي اليوتيوب او ان كنت ستقدمه عبر اعلام مقروء عبر ةريدة او موقع...اجعل اسئلتك بارزة و تنبض بالحياة و بصوت عالي حتي و ان كانت مكتوبة، العب دور الخبير الاستراطيزي و حاول ان تربط بين هذه الارقام و اي خيال في عقلك المريض، قل مثلاً: كيف تستطيع الدولة ان تنهض و تتقدم و نحن عندنا المواطن المصري يشرب شاي و قهوة ب ٣ مليار و ٦٥٠ الف و ٣٤ جنيه و ربع؟ كيف لهذا المواذن ان يساعد بلده و نحن نعمل ان كثرة شرب الشاي و القهوة تجعلك غير قادر علي النوم مبكراً و تجعلك تسهر، فكيف لمن سهر ان يصحو ليساعد في بناء الدولة و نهضتها؟ هل يستطيع هذا المواطن الذي يشرب بمثل هذا المبلغ شاي و قهوة ان يشارك في بناء العاصمة الادارية الجديدة؟....اطرح اسئلتك السخيفة و الغير منطقية هذه و لا تخف فمن ذا الذي سيرد عليك، ثم بالغ في طرح الاسئلة و بالغ في الاجابة عليها بإجابات غير منطقية إيضا
٥- استعن بالصور و الانفوجراف
من المؤكد انك تعلم ان ذاكرة الجماهير ضعيفة جداً و قصيرة جداً مثل السمك، و لهذا فإنه يتحتم عليك ان تستعين بعدد من الصور و خاصة صور او نماذج الانفوجراف و تضع فيها المؤشرات علي اعلي مستوياتها و قم إيضاً بتقديم انفوجراف لمقارنة الاسعار او معدلات الاستهلاك الحالية مع نظيرتها من ارقام العام الماضي لتوضيح الفرق الذي سيكون طبعا اعلي في هذا العام. لا تخف و لا تقلق من وضع اي ارقام او الاستعانة باي صور، فان الجماهير الغبية لن تراجع خلفك، و لكن إياك ان تهمل هذا العمل، فإنه و برغم عدم مراجعة الجمهور خلفك او التدقيق في الرسم البياني الا انه ينطبع بذاكرته مع هذا الرقم الضخم الذي قدمته و هذا ما يجعلك تنجح في مهمتك. و أما بالنسبة للصور العادية ، فحاول ان تصور له افضل و افخم جودة للمنتج الذي تدعي او تضخم معدلات استهلاكه، او ضع صورة في اطار لمجموعة من المصريين في الاسواق او هم يستهلكون هذا المنتج
نماذج للاحصائيات التي تنشرها المواقع الإخبارية المصرية
هذه المجموعة من الصور توضح لك كيف تستطيع القيام بهذة المهمة. و لنأخذ مثال الخبر الذي يقول ان المصريون شربوا أكثر من 6.1 مليار س يجارة في شهر مارس. لو انك حاولت تقديم هذا الخبر ثم شرحت الأرقام للجماهير، فأنه سيتبين لك التالي: عدد المدخنين في مصر الرسمي هو ١٨ مليون مُدخن، لو أننا قسمنا رقم ٦ مليار و ١٠٠ مليون سيجارة عليهم فان النتيجة ستكون هكذا 6.100.000000 % 18.000000= 338.888 سيجارة اي ان نصيب الفرد هو 338 سيجارة ، فاذا قسمنا هذا الرقم علي عدد العلب التي تحتوي علي عشرين سيجارة فان المجموع سيكون 16.94 اي ان الفرد المدخن سيكون قد دخن ١٦ او ١٧ علبة سجائر في الشهر، بمعني تقريباً نص علبة في اليوم، اي عشر سجائر لا أكثر. و قيس علي ذلك باقي الأمثلة و لكن ثق تماماً أنك اذا طبقت الخطوات السابقة و لم تحلل او تشرح هذه الارقام، فإنك بلا شك ستنجح من خلال تهويلك و تضخيمك لهذه الرقام ان تؤثر علي الجماهير و تجعلها تصدق الهراء الذي ترغب في نقله اليهم
إنّ الصحافة الحرة شيء ضروري لبناء دولة حرة، وهذا لن يتحقق بفرض القيود على المنشورات، كل إنسان حر لديه حق بلا شك في التعبير عن المشاعر التي يشاء أمام الجمهور، وإذا تم منع هذا، فقد تم تدمير حرية الصحافة
وليام بلاكستون
اقرأ ايضاً: صناعة المصطلحات
لعل من أشهر و أحقر المصطلحات السياسية في القرن الماضي هو ذلك مصطلح (التلطيف السياسي) الذي قدمهُ (هتلر) في اشارة منه لوضع حل نهائي للخلاص من اليهود على حد تعبيره، و طبعا كلنا نعلم الآن النتيجة البشعة لصناعة هتلر لذلك المصطلح الفظيع. و اليوم نري في مصر آلة اعلامية فاشية و نازية ضخمة لا تصنع فقط مصطلحات جديدة انما تضخها ضخاً. في هذه المقالة سنلقي الضوء علي صناعة المصطلحات في مصر و الجرائم المترتبة علي تلك المصطلحات البغيضة التي........اقرأ المزيد
قراءة و تحميل: صناعة الجهل | نعمات أحمد فؤاد
يعتبر كتاب صناعة الجهل : كتاب فى السياسة من الكتب المفيدة لطلاب وباحثي العلوم السياسية بوجه خاص والعمل العام بصفة عامة؛ حيث يندرج كتاب صناعة الجهل : كتاب فى السياسة ضمن نطاق تخصصات علوم السياسة والفروع القريبة منها ولاسيما قضايا العمل العام والشئون الحكومية والعمل الحزبي وإدارة الدولة. نعمات أحمد فؤاد هي كاتبة مصرية من مواليد مركز مغاغة بمحافظة المنيا. وشغلت منصب مديرة للآداب والفنون ومديرة عامة للمجلس الأعلى للثقافة، ودرّست في جامعة الأزهر، وجامعة طرابلس بليبيا، وجامعة حلوان اقترن اسم نعمات أحمد فؤاد بقضايا أثارت خلالها العديد من المعارك دفاعًا عن مصر وحضارتها وشعبها، من أهمها قضية هضبة الأهرام وقضية دفن النفايات الذرية وقضية الدفاع عن قبة الحسين وقضية الدفاع عن الآثار الإسلامية وقضية أبو الهول وقضية الآثار المصرية التي استولت عليها إسرائيل أثناء احتلالها سيناء ........اقرأ المزيد
ادعمنا علي باتريون
أهلاً بيك في حسابي علي باترون و شكراً لك علي التفكير في محاولة دعم المحتوي الذي اقدمه ، أنا كريم مصطفي ، صحفي استقصائي ، احاول ان اقدم للشعوب العربية في العموم و الشعب المصري في الخصوص محتوي بنقل الحقائق المجردة بعيداً عن المعوقات والقيود التي تضعها أنظمتنا العربية علي المؤسسات الاعلامية. و لقد أنشأت هذا الحساب من أجل تلقي الدعم الذي استطيع من خلاله الاستمرار في تقديم المحتوي و تطويره ........اقرأ المزيد