من حكايات يهود مصر
ذات يوم في مقهي جداليا
كُتبت في ٨ نوفمبر ٢٠٢٠
كان مقهي جيداليا من اهم معالم حارة اليهود بالقاهرة وذلك لكونه المركز الرسمي لشباب الحارة من العاطلين و ايضا لمن نسميهم "علي باب الله"، كانت المقهي المركز الرسمي لجمع الافراد او الانفار الذين قد يتم الاستعانة بهم في بعض الاعمال البسيطة مثل حمل الرملة، نقل عفش او اعمال الاصلاحات المنزلية البسيطة ولذلك فقد كانت المقهي ايضا مركزا لتجمع الصنايعية اليهود و المقاولين ايضا.........وحكاية اليوم حصلت اثناء الاحداث الدامية التي سبقت الحرب العالمية الثانية مثل صعود النازيون للحكم بالمانيا ووصول الحزب الفاشي للحكم بايطاليا و هجوم جيش موسوليني علي الحبشة..... حدثت احداث القصة بالتحديد في اواخر عام ١٩٣٨ حينما وصلت اشارة للقنصل العام الايطالي في مصر تخبره ان الماريشال بادوجليو(ده طبعا افظع جزارين ايطاليا واللي ميعرفهوش كويس يبقي يتفرج علي فيلم عمر المختار فهو هذا القائد الذي قدم لليبيا للايقاع بعمر المختار) حسنا فلنعود الي حكايتنا، وصلت الاشارة تقول ان بادوجليو سوف ياتي لمصر بنفسه للتفتيش علي الجنود الايطاليون في مواقعهم!! ولكن طبعا لم يكن هناك اي جنود ايطاليون بمصر....كان هناك فقط قوائم علي الورق و قد قام االقنصل بتضخيم العدد لكي ينمي موارد القنصل التي كانت تذهب بشكل مباشر لحسابات القنصل بالبنوك!!!!!!! و طبعا ديه كانت مشكلة جعلت القنصل في موقف لا يحسد عليه، فكيف سيواجه الماريشال بادوجليو و من اين يستطيع ان يحضر الجنود المدونون بالسجلات او القوائم، وحدث ان تحدث القنصل الايطالي الي احد اصدقائه و اخبره بالمشكلة العويصة، و لكن صديقه ابتسم و اخبره بانه لا داعي للقلق لانه لديه الحل السحري
جداليا كانت هي الكلمة السحرية التي نطق بها، لم تكن كلمة جداليا هي اسم المقهي فقط و لكن جداليا هو اسم صاحب المقهي ايضا، ذهب صديق القنصل و اتفق مع صاحب المقهي ان "يورد" لهم العدد المطلوب من الشباب اليهود العاطلين الذين يجلسون بالمقهي ليلا نهارا في انتظار عمل او اي مصلحة "بلغتنا النهاردة" . في اليوم التالي للاتفاق توجهه جيداليا ومعه مجموعة من الشباب اليهود من رواد المقهي و الذين كانوا في قمة السعادة لحصولهم علي هذا العمل حتي و لو كان لفترة قصيرة، كان الاتفاق ان يحصل كل فرد علي اليوني فورم الخاص بالجيش الايطالي وجواز سفر ايطالي و يقوم بالتمرين علي بعض الحركات العسكرية التي يتم تآديتها في العروض العسكرية لمدة اسبوع حتي يحين موعد حضور بادوجليو للتفتيش، وبعد التفتيش سوف يحصل كل فرد علي اجره بالاضافة الي مكآفاة، ولكن ما ان استلم هؤلاء الشباب اليهود اليوني فورم الخاص بالجنود الايطاليون حتي انفجروا من الضحك و هم يصيحون "يالا العار....كم شواذ هم هؤلاء الايطاليون!....ما تلك الملابس السوداء؟......آجنودا هم ام عصبة من الشواذ؟!!!!.....كانوا يقولون ذلك ويضحكون ولكن البعض منهم كان قد ايصيب بخيبة امل لانهم كانوا يودون الاحتفاظ بتلك الملابس بسبب فقرهم الشديد ولكن القمصان السوداء كانت تجعلهم يشعرون بانهم يشبهون الشواذ. علي كل الحوال لم تكن ملابس اليوني فورم السوداء بذلك الشئ المهم ليعطلهم علي المهمة الاساسية التي جاءوا من اجلها،.......وماهي الا ايام قليلة حتي اتقنوا التمرينات كلها من سير و استعراض عسكري منتظم والهتاف للفاشي الكبير موسوليني، بالاضافة الي حفظ بعض الجمل والكلمات الايطالية
وجاء اليوم الموعود......يوم التفتيش العظيم وابدي الماريشال بادوجيلو اعجابه بهؤلاء الجنود المنظمون و المهذبين، وفرح القنصل جدا وقام بصرف المكآفآت و الاجور لجداليا ليوزعها علي "آلانفار".......ولكن في اليوم التالي حدث ما لم يكن في الحسبان، حيث اتصل الماريشال بادوجيلو بالقنصل و امره بان يرسل الجنود الايطاليون"المجتهدون" الذين راءهم باليوم السابق الي اثيوبيا، حيث كان تفتيش بادوجيلو ليس الا تعبئة عامة لدعم القوات الايطالية استعدادا لدخول الحرب!!!! وما ان استلم هؤلاء الشباب خطابات الاستدعاء التي ارسلها لهم القنصل والتي كانت تآمرهم بالاستعداد خلال اسبوع واحد للسفر لاثيوبيا للانضمام لباقي الجنود الايطاليون هناك في المستعمرة الايطالية ! حتي اصيبوا بالغضب و الحنق الشديد علي جيداليا صاحب المقهي و مقاول المصلحة اللي هتشردهم و تغربهم في حرب ليس لهم فيها ناقة ولا جمل، فمل كان منهم الا ان توجهوا الي مقهي جيداليا يهددونه و يتواعدونه ويدعون عليه بالويل و الثبور، و ما ان ظهر لهم جيداليا حتي اقبلوا عليه يريدون الفتك به و التمثيل به........ولكن كل هذا لم يكن حلا للمشكلة ولم يكن هناك حلا سوي الفرار و الاختفاء عن الانظار حتي يتثني لهم الهروب من هذا الاستدعاء
وجاء اليوم الموعود......يوم التفتيش العظيم وابدي الماريشال بادوجيلو اعجابه بهؤلاء الجنود المنظمون و المهذبين، وفرح القنصل جدا وقام بصرف المكآفآت و الاجور لجداليا ليوزعها علي "آلانفار".......ولكن في اليوم التالي حدث ما لم يكن في الحسبان، حيث اتصل الماريشال بادوجيلو بالقنصل و امره بان يرسل الجنود الايطاليون"المجتهدون" الذين راءهم باليوم السابق الي اثيوبيا، حيث كان تفتيش بادوجيلو ليس الا تعبئة عامة لدعم القوات الايطالية استعدادا لدخول الحرب!!!! وما ان استلم هؤلاء الشباب خطابات الاستدعاء التي ارسلها لهم القنصل والتي كانت تآمرهم بالاستعداد خلال اسبوع واحد للسفر لاثيوبيا للانضمام لباقي الجنود الايطاليون هناك في المستعمرة الايطالية ! حتي اصيبوا بالغضب و الحنق الشديد علي جيداليا صاحب المقهي و مقاول المصلحة اللي هتشردهم و تغربهم في حرب ليس لهم فيها ناقة ولا جمل، فمل كان منهم الا ان توجهوا الي مقهي جيداليا يهددونه و يتواعدونه ويدعون عليه بالويل و الثبور، و ما ان ظهر لهم جيداليا حتي اقبلوا عليه يريدون الفتك به و التمثيل به........ولكن كل هذا لم يكن حلا للمشكلة ولم يكن هناك حلا سوي الفرار و الاختفاء عن الانظار حتي يتثني لهم الهروب من هذا الاستدعاء
في عام ١٩٥٦ و مع قيام حرب العدوان الثلاثي علي مصر و احساس الاجانب بعدم الامان و المصير المجهول في مصر بدآت هجرة هؤلاء الشباب من مصر و مرة اخري تمكن استغلال جوازات السفر الايطالية ليفلتوا من الذهاب لاسرائيل و الاستقرار في ايطاليا و البعض منهم توجه بعد ذلك للارجنتين، البرازيل و كوبا للاستقرار هناك لتنتهي بذلك قصة بدآت بمقهي صغير بحارة اليهود لا يعرفه الا الشباب اليهودي البائس.....انه مقهي جيداليا......مقهي حكايات الماضي المثيرة
عندما يستعرض الجيش قواته أكثر من 6 أشهر، ولا يقوم بمهاجمة العدو، نعرف أنه يشكل خطرا على شعبه
أدولف هتلر
اقرأ ايضاً: ملف صفقة القرن - رؤية مختلفة
لا شك ان صفقة القرن هو حدث صادم و اصاب الناس بالحزن و الغضب و هو ما جعل الكثيرون يكتبون عنها او يحللون الأحداث طبقاً لما ظاهر لهم و متوافر لهم من اخبار و تطورات في الأحداث. في هذه السلسلة سنبدأ في الحديث عن صفقة القرن من رؤية مختلفة حيث ان خطورتها اكبر مما نتخيله او يُطرح علينا من رؤي و تحليلات ، فصفقة القرن قد تنتهي بسقوط عدد من الدول العربية و انظمتها او ان تكون بدأية النهاية لاسرائيل نفسها التي تحلم باعتراف العالم بيهودية دولتهم المزعومة، و لعل اكثر هذه الدولة المهددة بالانهيار هي الأردن و الإمارات و السعودية و مصر و عمان و من هذا المنطلق سنتحدث عن الكثير من الوقائع و الأحداث التي وقعت و لها علاقة بصفقة القرن........فتابع معنا هذا الملف